على عكس الاعتقاد الشائع، شهد سوق الهواتف الذكية الكثير من الأمور المثيرة للاهتمام على مدار العام الماضي تقريبًا، فقد ارتفع سقف التوقعات من المميزات والمواصفات التقنية التي يُمكن الحصول عليها في الهواتف الذكية كثيرًا، ناهيك عن استخدام التقنيات الجديدة كليًا والتي نراها لأول مرة في سوق الهواتف الذكية، مثل الكاميرات ثنائية العدسات أو تقنية مستشعر البصمة التي أصبحت تقنية من المعتاد الحصول عليها.
وإن كُنت من المؤيدين للاعتقاد الشائع بأنّ الهواتف الذكية أصبحت مملة ومتشابهة، يضيف هاتف HTC 10 سهم آخر إلى جعبتك المليئة بالأفكار السلبية، ليس هذا لأنّه هاتف سيء لا سمح الله – فهو هاتف جيد جدًا – لكن مقابل 699 دولار هو مجرد هاتف في الوقت الذي تحاول فيه الهواتف الذكية الأخرى أن تكون أكثر من مجرد هاتف.
مع HTC 10 تحاول شركة اتش تي سي التلاعب بالأفكار التي ابتكرتها منذ الجيل الأول One M7 وبذلك يظهر الإصدار الجديد وكأنّه نُسخة قديمة تم إجراء بعض التحسينات عليها، وإحقاقًا للحق هو أفضل هاتف تُنتجه شركة اتش تي سي حتى الآن، لكن لا أعتقد أنّ هذا أصبح كافيًا بعد الآن في سوق الهواتف الذكية.
ففي 2013 – وقت إطلاق M7 – كانت أغلب الهواتف الذكية ذات تصميم سئ الشكل ومصنوعة من البلاستيك الرخيص، في الوقت الذي استحوذت فيه آبل على السوق عبر التصميمات عالية الجودة التي توفرت على الآيفون، وقتها فهمت اتش تي سي ما تحتاج إليه للنجاح في سوق الهواتف الذكية وطرحت HTC One M7 بتصميم معدني عالي الجودة مما لاقى استحسان الكثير من المستخدمين وقتها، واعتبرته وقتها أفضل هاتف ذكي اندرويد في 2013.
لكن وبعد مرور ثلاث سنوات تقريبًا على إطلاق أول هاتف ضمن هذه الفئة من اتش تي سي يأتي هاتف HTC 10 بدون أي تغيير حقيقي، نعم التصميم الخارجي جيد ومعدني وبه بعض التغييرات البسيطة لكنّه مازال يحمل نفس فلسفة تصميم إصدار 2013، في الوقت الذي ارتقت فيه أجهزة المنافسين كثيرًا مثل هاتف جالكسي إس 7 الذي يُعتبر أفضل هاتف ذكي اندرويد في 2016 حتى الآن بدون منازع.
التصميم في HTC 10 لا يأتي مهاجمًا للجميع على عكس توقعاتي وكل الاختلاف فيه هو الجزء المنحني في الحواف الخلفية – اللامع – والذي يقول كل شيء عن التصميم الممل الذي خرجت به اتش تي سي.
قامت الشركة التايوانية ببعض التغييرات الأخرى على التصميم، فلم تعد هناك مكبرات الصوت الأمامية أعلى وأسفل الشاشة، وبدلًا من ذلك أصبح هناك مكبر صوت صغير في سماعة المكالمات العلوية ومكبر صوت آخر في الجزء السفلي من الهاتف بجوار مخرج سماعة الرأس 3.5 مللم. لا تُخطئ فهمي هنا فأنا لا أقول بأن الصوت سيء في HTC 10 بل على العكس تمامًا الصوت عالي وواضح وبدقة جيدة لكنّه ليس كالسابق.
خلف الجزء الزجاجي الأمامي الذي يمتد من الحافة اليمني وحتى الحافة اليسرى للهاتف تقع الشاشة ذات 5.2” بوصة بدقة Quad HD عالية الوضوح والدقة، لكنّها للأسف ليست جاذبة للعين مثل شاشات سامسونج. ويأتي مستشعر البصمة في HTC 10 أسفل الشاشة على هيئة زر الرئيسية ويقوم بوظيفة الانتقال للشاشة الرئيسية وفي نفس الوقت تنفيذ خاصية التحقق من عمليات الدخول بالبصمة، وبقية الأزرار (التشغيل – التحكُّم بالصوت) تأتي بالجانب الأيمن للهاتف، ومفاتيح سعوية للعودة للخلف أو فتح قائمة التطبيقات بالخلفية وتوجد أسفل الشاشة على يمين ويسار زر الرئيسية.
أمّا بخصوص المكونات الداخلية في هاتف HTC 10 فهي مألوفة لأي شخص يتابع أخبار الهواتف الذكية الرائدة هذا العام. فهو يعمل بمعالج سنابدراجون 820 من إنتاج شركة كوالكوم مع ذاكرة عشوائية تبلغ 4 جيجابايت لتوفير أداء جيد وانتقال سريع بين التطبيقات، ثم تأتي الذاكرة الداخلية 32 جيجابايت لتخزين البيانات والمعلومات ويمكن دومًا زيادتها عبر بطاقات MicroSD. الهاتف سريع جدًا في الأداء والاستجابة للأوامر واللمس وحتى عند فتح التطبيقات فإنّها لا تأخذ وقت طويل. وتقول اتش تي سي أنّها عملت على تحسين كلًا من البرمجيات والمكونات الداخلية لاستجابة أفضل للمس وأداء أسرع، ونجحت الشركة في ذلك عن تجربة.
تقول اتش تي سي أيضًا أنّها عملت طويلًا على البطارية لتجعلها تدوم لفترة أطول في هاتف HTC 10، وبالنسبة للاستخدام المتوسط يُمكن للهاتف أن يدوم ليوم كامل من الاستخدام بدون الحاجة لإعادة الشحن. البطارية لا تدعم الشحن اللاسلكي لكنّها تتوفر بسعة 3,000 مللي أمبير وتدعم الشحن السريع عبر مخرج USB Type-C، ومن جانبها تزعم اتش تي سي أنّ الهاتف يمكنه أن يدوم لمدّة يومين بين كل عملية شحن وأخرى، ويمكن أن يُصبح هذا حقيقة إذا كان استخدام للهاتف خفيف، لكن شخصيًا لم يدوم الهاتف لأكثر من يوم واحد مع استخدام متوسط وهو أمر جيد.
الكاميرا في هاتف HTC 10 مألوفة هي الأخرى حيث تبلغ دقتها 12 ميجا بكسل3 مع عدسة جيدة بفتحة f/1.8 لإدخال أكبر كمية ممكنة من الضوء وتدعم التركيز التلقائي بالليزر والتثبيت البصري للصور، وهي أفضل كاميرا أنتجتها اتش تي سي على هاتف ذكي حتى الآن ويمكنها التقاط صور رائعة. لكن للأسف عند وضعها مع المنافسين نجد أنّها تأتي في المؤخرة بعض الشيء، فهي ليست بسرعة كاميرا جالكسي إس 7 مثلًا وفي بعض الأحيان تفقد بعض التفاصيل في الصور، كما أنّها لا تضاهي الكاميرا الثنائية في إل جي 5 أو هواوي بي 9.
الكاميرا الأمامية هي الأخرى تم تحسينها كثيرًا هذا العام مع عدسة مزودة بتقنية التثبيت البصري ليُصبح بذلك هاتف HTC 10 أول هاتف ذكي يتوفر بهذه التقنية على الكاميرا الأمامية، وبفضل هذه التقنية يمكن للهاتف التقاط صور أو فيديو سلفي رائعة في الإضاءة المنخفضة، وبالنسبة للبعض هذه الميزة أهم كثيرًا من الكاميرا الخلفية.
شخصيًا، أعتقد أنّ أهم تغيير قامت به اتش تي سي في HTC 10 هو نظام التشغيل، فقد كانت الإصدارات الأقدم من الهاتف تعج بالبرمجيات والتطبيقات المتكررة والتي لا يحتاج إليها أغلب المستخدمين، ناهيك عن واجهة الاستخدام الثقيلة على الهاتف، لكن في هذا الإصدار الجديد واجهة الاستخدام نظيفة للغاية ومُحببة إلي شخصيًا، فالهاتف يأتي مع متصفح واحد وتطبيق تقويم واحد وتطبيق موسيقى واحد وغيرها من التطبيقات الواحدة الغير متكررة، وأغلب هذه التطبيقات من شركة قوقل نفسها وحتى التطبيقات الأخرى قامت فيها بالاعتماد على لغة تصميم ماتيريال ديزاين.
في هذا الهاتف قامت اتش تي سي بالاعتماد على الواجهة الموجودة في أجهزة النكسوس مع بعض الإضافات البسيطة جدًا – تكاد تكون غير ملاحظة – عليها لتُعطي للمستخدمين تجربة استخدام شبيهة بهواتف نكسوس وفي الغالب هذا هو كل ما يحتاج إليه المستخدم.
هذه الجهود التي قامت بها اتش تي سي على صعيد البرمجيات في HTC 10 ساعدت كثيرًا في التجربة الإجمالية للهاتف، وأحد أهم الأشياء التي قامت بها الشركة التايوانية هو الاعتماد على لغة تصميم قوقل ماتيريال ديزاين في تصميم تطبيقاتها الخاصة، بحيث عندما ينتقل المستخدم بين تطبيق من قوقل إلى تطبيق اتش تي سي لا يشعر بفرق كبير في التجربة وهو أمر مهم لتوحيد تجربة الاستخدام على الهاتف.
اتش تي سي لم تنسى أيضًا مُحبي التخصيص، فإذا كُنت ترغب بتخصيص مظهر نظام التشغيل على الهاتف تُقدّم الشركة بعض الخيارات للتخصيص التي تجعل شاشة هاتفك مختلفة عن أي مستخدم اتش تي سي آخر.
بعيدًا عن التحسينات الكثيرة التي قامت بها اتش تي سي على هاتف HTC 10 لا أجد نفسي متحمسًا حيال الهاتف، بشكل عام هناك القليل من الأشياء التي يُمكن الشكوى بخصوصها، فالهاتف يقدم أداء جيد وتصميم ممتاز ويقوم بكل شيء يمكن أن تتوقعه من جوال، وهو سريع أيضًا وبطاريته تدوم حتى يوم كامل والكاميرا جيدة لكنّها ليست رائعة ونظام التشغيل هو أفضل شيء يمكنك الحصول عليه خارج نطاق النكسوس.
لكن المشكلة بالنسبة لاتش تي سي هو وجود الكثير من الهواتف المتاحة حاليًا التي تُقدّم نفس هذه المواصفات (الأداء السريع والكاميرا الجيدة والتصميم الممتاز ونظام التشغيل النظيف) لذا كان على اتش تي سي تقديم شيء جديد حتى يهتم به الناس، سامسونج مثلا تُقدّم أفضل الشاشات والكاميرات، بينما هواتف نكسوس تباع بسعر أقل كثيرًا وتُقدّم نفس الأداء والسرعة. الخلاصة أننا نعطي اتش تي سي تحياتنا بخصوص هذا الهاتف الجيد الذي قامت بتصنيعه، لكن عند اختيار هاتف ذكي لشراؤه قد نذهب لسامسونج أو قوقل.